ثقافات ومعارف

 خيال الكاتبة جيد، وامتلاكها للغة الكتابة واضح، موضوع الأقصوصة حيوي و ديكرتها بما يسمى مدينة "الزجاج" اختيار موفق، ولكنها تحتاج إلى مزيد من صقل الخبرة في الكتابة حتى تخرج كتاباً أو رواية مكتملة الأركان لا قصص مبتورة وحكايات لا تجد لها روحاً واثبة بين الكلمات تشد القارئ وتجذبه لملاحقة الأحداث. لعلها في هذه الأقصوصة أرادت أن تتكلم عن جمهور الغاب الذي يتبع السلطة ويصفق لها أينما دارت رحاها دار، كما أنها أرادت -ربما- أن تظهر إنجرار المجتمع حول الحرية اللادينية بمحاربتها الملتزمين ومن لا يريد أن يُلقي نفسه في وحل التقدم الكاذب بالإنحلال من القيم والعادات الحميدة والتغريب المشوه.

 رواية قصيرة جسدت حياة ابن كانت أوامر أبيه كالصراط المستقيم، فقد فيها شخصيته وأسلمها لأبيه يتحكم بها كيف شاء، توفى الأب فجأة وهاهو الإبن عليه أن يواجه الحياة بنفسه، وأولى مواجهته كانت مع الأموال التي ورثها من أبيه، وثانيها مع إمرأة متسلطة صديقة زوجته قد اغتصبت أفكاره فامتلكته بعدها ثلاثة ليالٍ سويا أفرغا مع بعض لذتهما معاً، هو لذة تحرره من نفسه، وهي لذة المتعة مع رجل ساذج لم يسبق أن أغوى أو غوىٰ. وهاهي النموذج الآخر من النساء " ناني" أو "نادية" التي عاشت مع زوج لم تحبه أو يحبها ولكن شاءت الأقدار أن يكونا فوق فراش واحد يمتطيها زوجها ليفرغ حقه الشرعي كما كانت تصف فعله دونما مراعاة لزوجته المرحومة - أخت ناني- والتي وعدها أن يكون مُخلِصاً لها بعد موتها، وتلظت هي في نار عذاب الضمير و"عزيز" زوجها تلظى بنار كرهها له. وفي لحظة لقاء بينها وبين بطل الرواية " حلمي" الرجل الساذج الذي أصبح حراً طليقاً بعد وفاة أبيه وبدء يعيش مراهقته عشق وأحب "ناني" والتي بدالته الحب ولكنها لم تُهِن نفسها وتُندس موضع بعلها بحرام فقد وضعت حداً لذلك رغم أنها أعترفت بحب...

 هذا كتاب تجميع لمواقف وقصص منها التاريخية ومنها الإدارية، تستلهم منها الحكمة والموعظة حتى وإلم تكن بعضها حقيقية .. شكراً للأستاذ محمد الفريح على جهوده الطيبة في إخراج وجمع هذا الكتاب وأني أنصح (عزيز القارئ) أن يقتنى من هذا الكتاب نسخة ورقية تزين بها مكتبك في العمل ومكتبتك في البيت إن كان لك مكتبة 

 كعادته الشيخ أدهم يبهرنا بجزالة كتابته ورصانة تعبيره ورقة نصه، جمال فوق الجمال، يجعل القارئ يستمتع بكل كلمة يقرأها، ولا يلبث إلّا أن يكمل الكتاب بشوق ولهفة المُلتاع لنص بهي مليء بالحكمة والسجع والجمال ، هنيئاً لك يا شيخ أدهم، هذه البلاغة الفائقة، وهنيئاً لك أن أصبح الكتاب من أكثر الكتب قراءة في عصرنا، وهنيئاً لك أن كان هذا الكتاب رفيق المجاهدين في غزة. لقد أبرق الشيخ أدهم برسائل من وحي الآيات، فكانت رسائل تنير فهم القارئ وتعكس دلالات الآيات على واقعنا وكيف لنا أن نستفيد منها ونتعلم منها في سلوكنا وحياتنا اليومية. وكم أرجو أن يقوم شيخنا في الطبعة الثانية بتبويب الرسائل تبوبيات متجانسة متناسقة حتى تعزز الفهم وتشبع الفكر. ولقد حاولت أن أُضيء بعض العبارات بلون فسفوري ولكن هيهات كل الكتاب وكل العبارات تحتاج إلى أن تُميز، ولعله كتاب لا يقُرأ لمرة واحدى وكفى، بل لا بد من الرجوع إليه بين فترة وأُخرى للتلذذ بجمال الكلمة

 شدّني لقراءة هذه الرواية، أمران، الأول ترشيحها لقائمة البوكر، والثاني رغبتي في إستطلاع ثقافة وشعب "الطوارق"، الرواية هي أشبه إلى كتاب تاريخ يروي قصة شعب مكافح وراء حلم إمتلاك وطن، في حين أن هذا مخالف لطبيعة رجال الصحراء المتنقلة على الدوام بحسب ما قاله وأيده بطل الرواية. عن أحداث الرواية  أبرزت الرواية معاناة شعب الطوارق - هو حال كل ساكني الصحراء- أزمة الجفاف والجوع في السبعينات، وقد أسهب كثيراً في تفاصيل الرحلات المتنقلة سواء عبر الجمال أو عبر بعض سيارات تويوتا القديمة وعادة ما تكون نادرة ومحدودة في تلك المناطق، فقد انتقلوا من منطقة إلى أخرى باحثين عن الحياة حيث يوجد الماء. وكما أنها تحدثت عن إستغلال القذافي لحلم أبناء الطوارق في الحصول على وطن، وذلك في تحشيدهم في حروبه وبطولاته سواء في إرساله كتائب لمساندة فلسطين في سبعينات القرن الماضي أو في محاربته للدول المجاورة تشاد ومالي، وقد تخلل هذا السرد حكايات مقتضبة عن السجون وحياة المعسكرات آنذاك. ولم تخلو الرواية من جانب الحُب فقد كان بطلنا "بادي" مُتعلِقاً بحبيبته"هوكتا" وقد استمر في تذكارها في كل وقت وآن و...

 من أصعب الكتب التي يمكن تقييمها، فلغة الكاتب رصينة وعميقة ولا أعتقد أن قراءته لمرة واحدة ستكون كافية للإلمام بمحتواه وفكرته، قلّما تكون هناك كتب ذات ثراء لغوي ومعرفي وفلسفي في ذات الوقت، إنه يتحدث عن المساكين وحياتهم ومعاناتهم في قصص مكتوبة بتنوع غير ممل. أيها القارئ، لا بد أن تشد رحالك وتريح عقلك وتصفي ذهنك قبل بدأ قراءته كي تتمكن من إلتقاط المعنى وتستمتع بالأسلوب البلاغي الرصين ‏ ‏ ‏

 وصف رائع لرحلة في مدن مختلفة، لقد تجولنا مع الكاتبة في مدن مختلفة أثينا ورودس جزيرة سانتوريني وقضينا لحظات ماتعة على متن سفينة ديزني وتجولنا قليلاً في الباهاما. الرواية في كتابها الأول أفضل وصفاً  لأنها وصفت بشكل أدق وأعمق وأوسع المناطق التي قامت بزيارتها بينما في الكتاب الثاني تفلت قلم الكاتبة كثيراً في سرد التاريخ للمدن التي زارتها وبالأخص تاريخ الهنود الحمر في أمريكا، بلا شك أن المزج بين كتابة التاريخ وتصوير الرحلة وسرد تفاصيلها خيار موفق وذكي لكن الإسهاب في الأحداث على حساب أحداث الرواية يجعلها أقل متعة 

 أنه كتاب يستحق أن يُقرأ، شُكراً نهى أن أتحتي فرصة للقارئ أن يتجول في بعض المدن التي قمتم بزيارتها، نعم لقد عشنا معك في شوراع البندقية و مُدن سريلانكا و مطاعم ومقاهي عمّان، ولكن العتب عليك في البتراء مررتي بنا كالسيارة التي تسير في شارع عن اليمين وعن الشمال مناظر بهيجة إلّا أن العين لا تتمكن من التمتع بها بسبب سرعة السائق ذلك ما عملتيه معنا في رحلة البتراء. الشيء اللافت الجميل في الرواية تطعيمها بحقائق تاريخية عن بعض المعالم في المُدن التي زرناها مع الكاتبة. وكذلك تزيين الرواية ببعض الصور كان لفتة حكيمة تعزز الصورة الذهنية التي ترتسم أثناء القراءة.

 ما شدني لقراءة هذه الرواية هما سببان رئيسيان، الأول أنها كانت ضمن قائمة البوكر، والثانية أنني اردت أن أسكن العراق من خلال كتاب. في الحقيقة الرواية عبارة عن وصف لحياة كمال الفتى الفقير لحنان الأب القاسي، ووصف لحياة طفل تشرد في شوارع بغداد، ثم وصف لحياة شاب قضى أيامه مع العم خليل في محل للتصوير الفوتوغرافي ووصف لأحداث الشغب التي وقعت في بغداد في ال2006، ولا بد من أن البطل مر بقصة حب مع فتاة لم تكتب له لأنه ليس من طبقتها ومن ثم التقيا بعد فترة طويلة بعد أن شاءت الاقدار أن تجمعهما ثانية. للأسف وصف الشخصيات والأماكن لم يكن بالمستوى المطلوب، وكذلك كان هناك خلل في  تسلسل أزمنة الرواية فكان هناك فجوات من الوقت لم تُملأ حيث أطال بفترة طفولة البطل ثم قفز به إلى سن المراهقة ومن ثم قفزه أخرى سريعه إلى سن الشباب ولم نجده إلا وقد وصل عمره إلى سن الشيوبة دونما نقل موضوعي للأزمنة.

 أول كتاب أقرأه للدكتور أحمد خالد توفيق، وكان اختيارا ً موفقاً، إنه كتابٌ ينير فكر القارئ ليهتدي عند قراءة المعلومات المنشترة حول القضايا الطبية، ويعينه على طريقة استنتاج صحة الخبر من عدمه، إذ أن خلاصة الخلاصة هي أن تبحث عن المعلومة الطبية في المراجع المعتمدة لا في الصحف والمواقع الإخبارية. يحوي الكتاب تاريخ من الإشاعات الآفكة حول اللقاحات  على مر العصور وفي كافة المجتمعات، وكيف أن أدعياء العلم يصبحون أعلام مشهورة في منابر الإعلام، فالإعلام يبحث عن نظرية المؤامرة لينتج مادة دسمة يضلل بها الشعوب. من المفيد قراءة الكتاب للتعرف على إشاعات في عالم الطب كنّا نظنها حقائق فقد سردها بلغة سهلة جميلة رائعة.

 صوت الحمير  كما كُتبت رواية "مزرعة الحيوان" لجورج أويل و كليلة ودمنة فقد جاءنا العتوم في عصرنا الحالي برواية "صوت الحمير" ليثبت للأدب أن هناك من يقدر على نسج الحرف الأدبي المُعتق في زمن طغت تكولوجيا الأشياء على كل شيء. الرواية غنية بالحكم، مرصعة بمختارات الشعر العامرة بالعشق والحُب، مُدججة بالعبر، مختومة بعبارات فلسفية غاية في الروعة والجمال.  وكعادة ايمن العتوم لا بد أن يُجسد الصورة الذهنية للمكان فيجعل القارئ يعيش عبق المكان،  فقد جعلنا نعيش في منطقة "سوف" و منطقة "ياجوز" واستظلينا معه تحت شجرة " البطم" وتجولنا في بعض قُرى الجنوب الأردني. توصيف سريع ودقيق لأحداث لبنان والحرب الأهلية، انتقاد لاذع للحكام من الشرق إلى الغرب بأسلوب أدبي ذكي. ربما يعتب البعض عليه أن جعل الرواية على لسان "حمار" ولكن بالتأكيد أن لديه فلسفة خاصة في اختيارها بصوت حمار ربما لأنه أراد أن يلدغ الحُكام.